كلّ الحواجز نُصُبٌ تذكاريّةٌ لحياتنا | شعر

جان لويس مازييرس

 

- 1 -

سأتركُ لكم الخيول المطهّمة

والبياض في غرّاتها

سأتركُها

تكرّ

وأتركُ السيوف

والغنائم

ولغةً ليس فيها ما يسرّ

أمّكم تمارسون معها السِّفاح

وتسترون عاركم

بالمحسّنات!

 

- 2 -

ماذا فعلتَ سوى أنّكَ خلقتَ عالمًا

لا تستطيع حملَه

يملؤه الذباب

ويمسكُ بخصيتيه

التافهون!

 

- 3 -

اعترفتم أو لم تعترفوا

فالحواجز الّتي تقطع أوصالَنا

وجنازاتِنا

تقول كلّ شيءٍ مهما تكتّم الجنود

الوقت في ساعاتكم مدبّبٌ

أو هوّةٌ سحيقةٌ

تصوّبون البنادق على كلّ شيءٍ،

على الغيم

والطير

على العامل الّذي لن يمرّ

والطالب الّذي لن يعود

والمرأة الحامل

والطفلة الّتي تلوّح بدفتر الحساب

كلّ الحواجز نُصُبٌ تذكاريّةٌ

لحياتنا الّتي تقنصونها وأنتم تضحكون

كلّ صباحٍ

 

- 4 -

أكثر من امرأةٍ

لا تزال تغلي الحصى

في القدور

وتهلّل لأطفالها أن يناموا

ريثما ينضج

أو ريثما

يمرّ عُمَر

 

- 5 -

ماذا سيبقى منكَ،

من اسمكَ

لو أنّكَ فتحتَ لهم باب المدينة

وسورة الكرسيّ

وذاكرة الأماكن

والسجلّات

وأسرار أمّكَ وأبيكَ؟

 

- 6 -

كلّما جئتُها

فتحتْ لغتي باب قلبها

وشكتْ لي

عنت الّذين أضاعوا زهرة شبابها في الفيافي

وأودعوها الجبّ

وأهالوا عليها قصائد الرثاء

 

- 7 -

مَنْ أنتَ. قال

أنا مِنْ أولئك الّذين أخطأتْهم الحرب. قلتُ

فأدخلهم العدوّ في لغته

كي ينسوا قلوبهم

 

- 8 -

لحظتها

لن تنبت امرأةٌ في قلب رجلٍ

لن تنبت عشبةٌ في الطريق إلى البيت

أو حبّة قمحٍ واحدةٍ في كفّ جائعٍ

تسقط اللغات

كالسجائر المنسيّة في باب منفضة

 

- 9 -

يكون الوقت نقيًّا،

يكون غزالًا رشيقًا

يكون شهيًّا

يكون ودودًا

يكون سويًّا

يوم تخلو قصائد الشعراء مِنْ مديح الطواغيت

وتنجو اللغات مِنْ سطوة الآلهة!

 

- 10 -

أكثر من رجلٍ

في الوادي

نسي حليب لغته

فمات غريبًا

 

- 11 -

ذروة البشاعة أن ترى غزالًا ميّتًا

ونذلًا حيًّا

 

- 12 -

زيارةٌ واحدةٌ إلى بائعة وردٍ

بستانها عامرٌ

تغْنيكَ عن الجنّة

 

- 13 -

أين سأذهب بكلّ هذا الحبّ

سؤالٌ

يلازمني

ويلحّ

 

- 14 -

يسيل الضوء من الشبابيك

والورد من الشرفات

والآلهة من مقاماتها

والحبّ من عناق اثنين

والعشق من الأحاديث الحميمة

كلّ الأشياء سائلةٌ من إطار الوقت

 

- 15 -

كلّ الّذين غابوا

علّقتُ أسماءَهم على شجر الحديقة

وناديتُ عليهم كلّما

خرجتُ مِنَ البيت

 

- 16 -

أقف هنا ككاتبٍ

اختفتْ آثار أبطاله في الزّحام

 

- 17 -

وأقف هناك

شاعرًا يعدّ الخسائر

ويضحكُ مِنَ الرابحين

 

 

- 18 -

لم يبقَ أحدٌ أحكي له الحقيقة

فالجميع

صرعتْهم الأكاذيب

 

- 19 -

عطر تفّاحةٍ

يكفي

وظلّ مزهريّةٍ على الطاولة

يكفي

أغنيةٌ عالقةٌ على الشبّاك

تكفي

عشبةٌ في الشاي

وندبةٌ في الناي

تكفي

لأبدأ قصيدةً كهذه

 


 

مرزوق الحلبي

 

 

شاعر وناقد من فلسطين، يكتب في عدد من المنابر الفلسطينيّة والعربيّة. يعمل وينشط في الجانب الحقوقيّ والمجتمع المدنيّ. له مجموعة شعريّة بعنوان "في مديح الوقت".